كان صبى صغير في العاشرة من عمره واقفا أمام محل بيع الأحذية فى شارع متسع يحملق فى الفاترينة مرتعشاً من البرد وهو حافى القدمين . عندما اقتربت منه سيدة وقالت له " يا صديقى الصغير لماذا تنظر فى هذه الفاترينة بشغف شديد".


فأجابها الصبى قائلاً " إننى أسال الله كى ما يعطينى زوجاً من الأحذية "، فما كان من السيدة إلا أنها أخذته من يده ودخلت معه محل الأحذية وسألت من البائع أن يحضر للصبى ستة أزواج من الشرابات ، ثم سألته لو كان من الممكن أن يحضروا أيضا منشفة وطبق حمام به ماء ، فأجابها البائع بالطبع يا سيدتى وأحضرهم لها فى الحال.


أخذت السيدة الصبى للجزء الخلفى من المحل ثم خلعت قفازها وانحنت بجوار الصبى وأخذت تغسل له قدميه ثم جففتهم بالمنشفة ، وفى هذا الوقت كان البائع قد أحضر لها الشرابات فألبست الصبى واحد منهم ثم اشترت له زوجاً من الأحذية ، ثم ربطت السيدة باقى الستة شرابات معا وأعطتها للصبى ثم ربتت على رأسه فى حنان وقالت له متسألة "لا شك أنك تشعر الآن براحة أكثر يا صديقي".


وعندما استدارت السيدة لتمشى ، أمسك بيدها الصبى الصغير المندهش ونظر لأعلى لوجهها والدموع تملأ عينيه ، ثم جاوب على سؤالها قائلا لها



"هل أنت زوجة الله ياسيدتى ….. ؟"

( بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي ان كان لكم حب بعضا لبعض" (يوحنا 13 : 35 "

( " فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة و يمجدوا اباكم الذي في السماوات" (متى 5 : 16

v كان الصبي موسى يساعد والده في زراعة الأرض والاهتمام بالماشية، وكان جادًا ومخلصًا في عمله. وإذ ينتهي من عمله اليومي يأكل مع والده ووالدته وإخوته، ويخرج قُبيل الغروب ليقف بجوار بيته القائم على تل مرتفع، كان يرفع عينيه ليتأمل بيتًا آخر على قمة بعيدة جدًا،وقد ظهرت نوافذه الذهبية مرصّعة بلآلئ لها بريق بهي للغاية.

كان موسى يرفع عينيه ويصرخ إلى اللََّه قائلاً:

- "إلهي، لماذا لم تسمح لي أن أُولد في بيت غني؟

- لماذا بيتنا فقير للغاية، وذاك البيت نوافذه ذهبية مرصّعة باللآلئ؟!

- كيف يعيش الصبيان وسط هذا الغِنى العجيب؟"

v كانت الدموع تتسلل من عيني موسى مشتهيًا بيتًا كذاك الذي على التل البعيد. وكان يدخل موسى بيته بعد أن يجفف دموعه ويتظاهر بالبهجة.

v في أحد الأيام قدّم له والده مبلغًا بسيطًا من المال وقال له: "إنك إنسانٍ أمين ومخلص، هوذا أجرة غد وسأعطيك الغد أجازة لتذهب إلى المدينة وتقضي يومًا سعيدًا، وأرجو أن تعود وقد تعلّمت درسًا جديدًا. فاليوم الذي لا نتعلم فيه شيئًا هو مفقود من حياتنا"؟.

v في الصباح الباكر جدًا قبَّل موسى والديه وإخوته وأخذ معه قليلاً من الخبز والجبن وانطلق من البيت ليقضي يوم أجازته. قال في نفسه: "سأذهب إلى التل البعيد لأنعم برؤية النوافذ الذهبية المرصّعة باللآلئ!

v سار نحو التل حتى بلغ التل في الظهيرة وإذ اقترب إلى البيت وجده مثل بيته، نوافذه زجاجية. من التعب الشديد جلس موسى بجوار البيت يبكي، فقد أضاع وقته وجهده بلا نفع. خرجت السيدة صاحبة المنزل، وإذا رأته يبكي سألته عن السبب فأخبرها بكل ما في قلبه وفكره.

v ابتسمت السيدة وقالت له: نحن فلاحون فقراء، ليس لدينا ذهب ولا لآلئ، لكنها فرصة حسنة أن تكون ضيفًا لدينا. رحبت به السيدة وانطلقت به إلى داخل البيت. هناك التقى  بابنها صموئيل الصبي الرقيق الطبع.

v تحدث الصبيان معًا وانطلقا خارج البيت، وإذ سأله صموئيل عن سبب حضوره أخبره بما في قلبه. ابتسم صموئيل وقال لموسى: "لقد أخطأت الطريق يا أخي. فها أنت تراني حافي القدمين مثلك، ثيابي بسيطة للغاية، وبيتنا فقير، لكننا سعداء به. إن أردت أن ترى البيت صاحب النوافذ الذهبية المرصّعة باللآلئ هلم فأريك إيّاها. انطلق به إلى الجانب الآخر وتطلّع فإذا به ببيته، عندئذ أدرك أن ذلك الذهب وتلك اللآلئ ليست إلى انعكاس الشمس على زجاج نوافذ البيت.

v هزّ موسى رأسه وقد بدأت عليه علامات الفرح الشديد، وقال لصديقه الجديد: :"إني ذاهب إلى أجمل البيوت وأغناها".

v عاد موسى إلى بيته بالليل متأخرًا، وقد لاحظت والدته عليه علامات الفرح الشديد فسألته: "أرجو أن تكون قد تمتعت بيومٍ مفرحٍ وتعلّمت درسًا جديدًا".

هزّ موسى رأس وهو يقول:

"حقًا يا أماه اليوم هو أسعد أيام عمري.

لقد تعلمت درسًا فريدًا في كل حياتي".

انطلق موسى إلى حجرته حيث ركع يشكر اللََّه قائلاً:

"أشكرك يا إلهي لأنك وهبتني أجمل البيوت وأغناها.

هب لي ألا أخرج خارج نفسي لأبحث عن سعادتي.

قلبي هو هيكلك المقدّس.

فيه تعكس بهاء مجدك.

فيه تذخر غنى عطاياك.

لأسعد بالقلب الذي وهبتني إيّاه،

ولا أطلب ما هو خارج بيتي!"

V V V