سنة تغلب فيها الحظ الحسن

 

فى ليلة رأس السنة ، جلس المؤلف الكبير أمام مكتبه ، وأمسك بقلمه ، وكتب :

 

( فى السنة الماضية ، أجريت عملية ازالة المرارة ولازمت الفراش عدة شهور ،

 

 وبلغت الستين من العمر فتركت وظيفتى المهمة فى دار النشر الكبرى التى ظللت أعمل

 بها ثلاثين عاما ،

 

 وتوفى والدى ، ورسب ابنى فى بكالوريوس كلية الطب لتعطله عن الدراسة عدة شهور

 بسبب اصابته فى حادث سيارة (

 

وفى نهاية الصفحة كتب :

 

يا لها من سنة سيئة!

 

 

ودخلت زوجته غرفة مكتبه ، ولاحظت شروده ، فأقتربت منه ، ومن فوق كتفه قرأت ما

 كتب ، فتركت الغرفة بهدوء

 

 .. وبعد دقائق عادت وقد أمسكت بيدها ورقة أخرى ، وضعتها بهدوء بجوار الورقة التى

 سبق أن كتبها زوجها .

 

وتناول الزوج ورقة زوجته وقرأ منها :

 

( فى السنة الماضية ، شفيت من الآم المرارة التى عذبتك سنوات طويلة .

 

وبلغت الستين وانت فى تمام الصحة وستتفرغ للكتابة والتأليف بعد ان تم التعاقد معك على نشر

 

 أكثر من كتاب مهم

 

. وعاش والدك حتى بلغ الخامسة والثمانين بغير ان يسبب لأحد أى متاعب ،

 

 وتوفى فى هدوء بغير ان يتألم . ونجا ابنك من الموت فى حادث السيارة

 

وشفى بغير أيه عاهات او مضاعفات(

 

وختمت الزوجة عبارتها قائلة :

 

يا لها من سنة تغلب فيها حظنا الحسن على حظنا السيئ !!

 

 

حدث منذ سنوات مضت أن مرَّ بائع كتب مقدسة في طريقه خلال احدى الغابات بكوخ ريفي صغير وحيّا السيدة التي استقبلته ثم عرض عليها كتاب العهد الجديد فترددت في بادئ الامر وهي تتطلع برغبة وشوق الى المجلد الصغير الانيق واخيراً قالت "لن ارفض شراءه يا سيدي وليكن ما يكون" وقدمت للبائع الثمن وأخذت الكتاب   

ولم تمضي لحظات حتى عاد زوجها الفحام من عمله. وبعد ان تناول الشاي ارته الكتاب الذي ابتاعته لكن ما ان لمحه حتى حدث ما كانت تخشاه فقد كان متعباً متكدراً فوبخها بشدة على إسرافها وتبذيرها امواله على تلك الصورة . فأجابته بأن نصف ثمنه من مالها الخاص . فصاح غاضباً "هاتي الكتاب" واختطفه من يدها وأردف "تقولين ان النقود نصفها يخصك والنصف الآخر يخصني حسناً انظري" وفتح الكتاب بيديه الخشنتين ومزقه الى نصفين ثم القى اليها بأحدهما واحتفظ لنفسه بالآخر .

ومرت الأيام وحدث ذات مرة ان كان الزوج جالساً في الغابة بجوار الاخشاب المتقدة فأحس بالوحدة وتذكر الكتاب الممزق وشعر برغبة في دراسته وكانت اصابعه الخشنة قد مزقته عند الاصحاح الخامس عشر من انجيل لوقا فابتدأ يقرأ في الجزء الذي لديه من السطر الاول "وأقول يا ابي اخطأت الى السماء وقدامك ، ولست مستحقاً بعد أن ادعى لك ابناً اجعلني كأحد اجراك فقام وجاء الى ابيه " ... واستمر يقرأ بشغف حتى اتم القصة الناقصة وخطر بفكره عشرات الاسئلة ماذا فعل الابن المسكين ؟ لماذا طُرد من بيت ابيه واين استقر ؟ وما الذي دفعه الى العودة ؟ وظلت تشغله هذه الاسئلة وتنهد قائلاً "كم اتمنى ان اعرف بداءة هذه القصة" ومنعته كبرياؤه من ان يطلب جزء الكتاب الاول من زوجته.

وخلال تلك الايام كانت الزوجة تقضي اوقات الفراغ منكبة على نصف الكتاب الذي لديها وتحس فيه بمتعة زائدة ثم تضاعف شغفها حينما وصلت الى القصة التي في نهايتها : ذلك الابن الاصغر في طيشه ورحيله عن بيت ابيه وسلوكه الخاطئ ثم بؤسه وشقاؤه ثم التغيير العجيب في افكاره "أنا اهلك جوعاً اقوم واذهب الى ابي" وهنا انتهت القصة .

ولكن ماذا حدث له بعد ذلك هل رحب به ابوه وقبله . واشتاقت من كل قلبها ان تعرف الاجابة لسؤالها لكنها لم تجد في نفسها الشجاعة الكافية لتسأل زوجها .

وتوالت الايام وحدث ذات يوم ان سقطت الامطار الغزيرة سقطت وعاد زوجها مبكراً الى المنزل منهوكاً متعباً وتناول عشاءه المعتاد وجلس جوار المدفأة وفجأة خطر بفكره خاطر فنادى زوجته "هل تذكرين كتاب العهد الجديد الذي مزقته نصفين؟" فاجابته وقد ساورها شيء من الخوف"نعم اذكره" فقال "لقد قرأت في الجزء الذي لديّ قصة ممتعة لكن لم يكن به غير نهايتها فاحضري لي الجزء الذي عندك" فانبسطت اساريرها وهتفت "يا لها من قصة عجيبة حقاً . لقد قرأت بداءتها وكانت دائماً في فكري لكن كان ينقصني نهايتها فاخبرني هل قبل الأب ذلك الولد البائس" . اجابها "نعم لقد قبله ولكن اخبريني ما السبب الذي أدى الى انفصالهما في البداءة ؟" اجابت "هو طيش ذلك الابن الضال" واسرعت واحضرت له الجزء الذي لديها وركعت بجوار كرسيه وأخذا يقرآن سوياً تلك القصة المؤثرة ولا شك ان روح الرب عمل في قلبيهما اذ اشرق عليهما مغزى القصة الخفي واستفادا وتتابعت جلساتهما المسائية في قراءة الكتاب بجوار المدفأة وسلم كل منهما قلبه وحياته للرب يسوع المسيح .

لقد كانت قصة الابن الضال جديدة عليهما تماماً لكني اعتقد انها معروفة عندك ومألوفة لديك ، هل فهمت مغزاها واستفدت منها ؟ هل رجعت الى الله بقلبك وسلمته حياتك


كان صبى صغير في العاشرة من عمره واقفا أمام محل بيع الأحذية فى شارع متسع يحملق فى الفاترينة مرتعشاً من البرد وهو حافى القدمين . عندما اقتربت منه سيدة وقالت له " يا صديقى الصغير لماذا تنظر فى هذه الفاترينة بشغف شديد".


فأجابها الصبى قائلاً " إننى أسال الله كى ما يعطينى زوجاً من الأحذية "، فما كان من السيدة إلا أنها أخذته من يده ودخلت معه محل الأحذية وسألت من البائع أن يحضر للصبى ستة أزواج من الشرابات ، ثم سألته لو كان من الممكن أن يحضروا أيضا منشفة وطبق حمام به ماء ، فأجابها البائع بالطبع يا سيدتى وأحضرهم لها فى الحال.


أخذت السيدة الصبى للجزء الخلفى من المحل ثم خلعت قفازها وانحنت بجوار الصبى وأخذت تغسل له قدميه ثم جففتهم بالمنشفة ، وفى هذا الوقت كان البائع قد أحضر لها الشرابات فألبست الصبى واحد منهم ثم اشترت له زوجاً من الأحذية ، ثم ربطت السيدة باقى الستة شرابات معا وأعطتها للصبى ثم ربتت على رأسه فى حنان وقالت له متسألة "لا شك أنك تشعر الآن براحة أكثر يا صديقي".


وعندما استدارت السيدة لتمشى ، أمسك بيدها الصبى الصغير المندهش ونظر لأعلى لوجهها والدموع تملأ عينيه ، ثم جاوب على سؤالها قائلا لها



"هل أنت زوجة الله ياسيدتى ….. ؟"

( بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي ان كان لكم حب بعضا لبعض" (يوحنا 13 : 35 "

( " فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة و يمجدوا اباكم الذي في السماوات" (متى 5 : 16

v كان الصبي موسى يساعد والده في زراعة الأرض والاهتمام بالماشية، وكان جادًا ومخلصًا في عمله. وإذ ينتهي من عمله اليومي يأكل مع والده ووالدته وإخوته، ويخرج قُبيل الغروب ليقف بجوار بيته القائم على تل مرتفع، كان يرفع عينيه ليتأمل بيتًا آخر على قمة بعيدة جدًا،وقد ظهرت نوافذه الذهبية مرصّعة بلآلئ لها بريق بهي للغاية.

كان موسى يرفع عينيه ويصرخ إلى اللََّه قائلاً:

- "إلهي، لماذا لم تسمح لي أن أُولد في بيت غني؟

- لماذا بيتنا فقير للغاية، وذاك البيت نوافذه ذهبية مرصّعة باللآلئ؟!

- كيف يعيش الصبيان وسط هذا الغِنى العجيب؟"

v كانت الدموع تتسلل من عيني موسى مشتهيًا بيتًا كذاك الذي على التل البعيد. وكان يدخل موسى بيته بعد أن يجفف دموعه ويتظاهر بالبهجة.

v في أحد الأيام قدّم له والده مبلغًا بسيطًا من المال وقال له: "إنك إنسانٍ أمين ومخلص، هوذا أجرة غد وسأعطيك الغد أجازة لتذهب إلى المدينة وتقضي يومًا سعيدًا، وأرجو أن تعود وقد تعلّمت درسًا جديدًا. فاليوم الذي لا نتعلم فيه شيئًا هو مفقود من حياتنا"؟.

v في الصباح الباكر جدًا قبَّل موسى والديه وإخوته وأخذ معه قليلاً من الخبز والجبن وانطلق من البيت ليقضي يوم أجازته. قال في نفسه: "سأذهب إلى التل البعيد لأنعم برؤية النوافذ الذهبية المرصّعة باللآلئ!

v سار نحو التل حتى بلغ التل في الظهيرة وإذ اقترب إلى البيت وجده مثل بيته، نوافذه زجاجية. من التعب الشديد جلس موسى بجوار البيت يبكي، فقد أضاع وقته وجهده بلا نفع. خرجت السيدة صاحبة المنزل، وإذا رأته يبكي سألته عن السبب فأخبرها بكل ما في قلبه وفكره.

v ابتسمت السيدة وقالت له: نحن فلاحون فقراء، ليس لدينا ذهب ولا لآلئ، لكنها فرصة حسنة أن تكون ضيفًا لدينا. رحبت به السيدة وانطلقت به إلى داخل البيت. هناك التقى  بابنها صموئيل الصبي الرقيق الطبع.

v تحدث الصبيان معًا وانطلقا خارج البيت، وإذ سأله صموئيل عن سبب حضوره أخبره بما في قلبه. ابتسم صموئيل وقال لموسى: "لقد أخطأت الطريق يا أخي. فها أنت تراني حافي القدمين مثلك، ثيابي بسيطة للغاية، وبيتنا فقير، لكننا سعداء به. إن أردت أن ترى البيت صاحب النوافذ الذهبية المرصّعة باللآلئ هلم فأريك إيّاها. انطلق به إلى الجانب الآخر وتطلّع فإذا به ببيته، عندئذ أدرك أن ذلك الذهب وتلك اللآلئ ليست إلى انعكاس الشمس على زجاج نوافذ البيت.

v هزّ موسى رأسه وقد بدأت عليه علامات الفرح الشديد، وقال لصديقه الجديد: :"إني ذاهب إلى أجمل البيوت وأغناها".

v عاد موسى إلى بيته بالليل متأخرًا، وقد لاحظت والدته عليه علامات الفرح الشديد فسألته: "أرجو أن تكون قد تمتعت بيومٍ مفرحٍ وتعلّمت درسًا جديدًا".

هزّ موسى رأس وهو يقول:

"حقًا يا أماه اليوم هو أسعد أيام عمري.

لقد تعلمت درسًا فريدًا في كل حياتي".

انطلق موسى إلى حجرته حيث ركع يشكر اللََّه قائلاً:

"أشكرك يا إلهي لأنك وهبتني أجمل البيوت وأغناها.

هب لي ألا أخرج خارج نفسي لأبحث عن سعادتي.

قلبي هو هيكلك المقدّس.

فيه تعكس بهاء مجدك.

فيه تذخر غنى عطاياك.

لأسعد بالقلب الذي وهبتني إيّاه،

ولا أطلب ما هو خارج بيتي!"

V V V

نال هذا الشاب بكالوريوس الكلية الاكلريكية و في أيامه أعلنت وزارة المعارف عن مسابقة لتعين مدرسين للغة العربية ، فتقدم لها و نجح بتفوق اذ كان الاول على جميع الناجحين و تم نعينه مدرسا بالوزارة  فكان موهوبا بالتدريس و أحبه تلاميذ سواء في المدرسة أو الدروس الخصوصية .

زار مفتش لغة عربية المدرسة و سال عن المدرسين ففوجئ بهذا المدرس الذى اسمه ' شوقى جيد روفائيل ' فتعجب بل انزعج كيف يصير مسيحيا في هذه الوظيفة و قرر انه لابد أن يترك العمل بل قال بالحرف الواحد ' يا أنا يا هو في الوزارة ' .

صلى هذا المدرس و في زيارته لإلقاء درس خصوصي لإحدى تلميذاته ، علم والدها المسلم بما حدث و كان ذا مركز كبير ، فتضايق جدا لهذا التعصب و بشهامة اتصل بوزارة المعارف و شهد بكفاءة هذا المدرس و انه لا يعيبه أن يكون مسيحيا ما دام يؤدى عمله بنجاح ، فاقتنع المسئولون و عندما حاول المفتش في الوزارة أن يستغنوا عن هذا المدرس رفض المسئولون ، فلم يحتمل المفتش و قدم استقالته و تحقق كلامه فبقى في الوزارة المدرس شوقى جيد الذي صار فيما بعد أبونا بطرس جيد .

+ قد تواجهك ظروف معاكسة تعطل مسيرك و تحقيق رغباتك ، فلا تتضايق لأنها مؤقتة و الله قادر أن يرفعها . و قد يسمح الله بتعطيل شئ لفائدتك الروحية ، بل و يشجعك على شئ آخر يناسبك أكثر من غيره ، و لكن على اى الأحوال ثق انك في يد أمينة و هي يد الله ضابط الكل ، فاتكل عليه مطمئنا لقيادته و تدبيره لحياتك .

+ لا تقلق من تهديدات المحيطين بك أو من توقعات المتشائمين ، فالله لا يسمح لك بشئ فوق طاقتك فى الاحتمال و يسندك في كل ضيقة بل يظهر نفسه لك فتتمتع به داخل الضيقة أكثر من اى وقت آخر